الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإقناع في القراءات السبع
.ذكر الإدغام الكبير: سموه كبيرا لأنه أكثر من الصغير، ولما فيه من تصيير المتحرك ساكنا، وليس ذلك في الإدغام الصغير، ولما فيه من الصعوبة. وهو مما انفرد به أبو عمرو، وكان له مذهبان:أحدهما: الإظهار كسائر القراء. والآخر: الإدغام. وإنما كان يأخذ به عند الحدر وإدراج القراءة؛ ولهذا يستعمله أهل الأداء مع تخفيف الهمز. قال أبو علي الأهوازي: ما رأيت أحدا ممن قرأت عليه يأخذ عنه بالهمز مع الإدغام. والناس على ما ذكر الأهوازي، إلا أن شريح بن محمد أجاز لي الإدغام مع الهمز، وما سمعت ذلك من غيره، فأما تخفيف الهمزة فلا يلزم معه الإدغام. فكان أبو عمرو يدغم المتحرك في مثله وفي مقاربه إذا كانا متحركين، سواء سكن ما قبله أو تحرك، ولا تصل إلى الإدغام حتى تسكن المدغم وترد الأول كمقاربه الذي تدغمه فيه. وإذا التقى الحرفان المثلان، الأول مشدد، أو منون، أو منقوص، أو تاء مخاطبة ذكر أو أنثى، نحو قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ} [النساء: 24]، و {مَسَّ سَقَرَ} [القمر: 48]، و {الْيَمِّ مَا} [طه: 78]، و {مِنْ أَنْصَارٍ، رَبَّنَا} [آل عمران: 192، 193]، و {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ} [يونس: 99]، و {كُنْتُ تُرَابًا} [النبأ: 40]، و {جِئْتِ شَيْئًا} [مريم: 27]، و {يَبْتَغِ غَيْرَ} [آل عمران: 85]، و {يَخْلُ لَكُمْ} [يوسف: 9] لم يدغم. وذكر الخزاعي أن هذا اتفاق من الأئمة. وقد ورد عن أبي عمرو الإدغام في كل ذلك، فأما المشدد فحدثني أبي -رضي الله عنه- حدثنا الحسين بن عبيد الله، حدثنا ابن عبد الوهاب، حدثنا الأهوازي، حدثنا أبو الحسن القطان، حدثنا أبو عبد الله الرازي، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي، حدثنا أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري عن أبي عمرو أنه أدغم المشدد إذا لقي مثله متحركا، مثل قوله تعالى: {صَوَافَّ فَإِذَا} [الحج: 36]، و {مَسَّ سَقَرَ} [القمر: 48]، و {كُنَّ نِسَاءً} [النساء: 11]، و {وَأُحِلَّ لَكُمْ} [النساء: 24]، ونحو ذلك. والمتقاربان كالمثلين في المشدد والمنون، أعني في الامتناع من الإدغام، فالمشدد نحو قوله تعالى: {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ} [الحج: 19]، و {وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا} [النساء: 48]، و {الْحَقُّ كَمَنْ} [الرعد: 19]، والمنون نحو: {عَذَابٌ مُهِينٌ}، و {ظُلُمَاتٍ ثَلاث} [الزمر: 6]، و {خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ} [الكهف: 22] وهو كثير جدا. ونشرح أصول الإدغام الكبير على حروف المعجم شرحا شافيا، يغني الواقف عليه عن النظر في فرش الإدغام، إن شاء الله تعالى..باب الهمزة: قال سيبويه: "وأما الهمزتان فليس فيهما إدغام في مثل: قَرَأَ أَبُوكَ، وأَقْرِئْ أَبَاكَ؛ لأنه لا يجوز لك أن تقول: قرأ أبوك فتحققهما، فتصير كأنك إنما أدغمت ما يجوز فيه البيان؛ لأن المنفصلين يجوز فيهما البيان، فلا يجريان مجرى ذلك، وكذلك قالته العرب، وهذا قول الخليل -رحمه الله- ويونس" يعني أن الهمزة يترك فيها إعلال الإدغام؛ لأن التخفيف يلزم إحداهما إذا اجتمعتا. قال: "وزعموا أن ابن أبي إسحاق كان يحقق الهمزتين وأناس معه، وقد تكلم ببعضه العرب، وهو رديء، فيجوز الإدغام في قول هؤلاء، وهو رديء". قال أبو جعفر: لم تلتقيا في القرآن أولاهما ساكنة، والتقتا وأولاهما متحركة، نحو: {نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ} [الشعراء: 69]، و {يَشَاءُ إِلَى} [النور: 64]. ولو كان أبو عمرو ممن يحقق الهمزتين لأدغم، لكنه يخفف إحداهما على ما سنذكره من مذهبه، فلا طريق مع ذلك إلى الإدغام. وقوم من القراء يقولون: لو لقيت مثلها ساكنة في القرآن جاز إدغامها وإظهارها، يعنون بالإظهار التخفيف. قالوا: ولا بد مع تحريكهما من الإظهار، على مثل: قرأ أبوك، {نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ} ونحوه، وأما على نحو: رأس، والدأَّث في اسم وادٍ، وسأَّل ونحوه، فإنه مدغم لأنه لا شيء يصح سواه..باب الباء: أدغمها في مثلها حيث وقع، تحرك ما قبلها أو سكن، نحو: {لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ} [البقرة: 20]، و {الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} [الزمر: 2]، و {الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ} [الكهف: 58]، و {عَاقَبَ بِمِثْلِ} [الحج: 60]، و {يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} [الماعون: 1]. وفي الميم في: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} لا غير، وجملته خمسة مواضع. فأما {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} في [البقرة: 284] فهو سادس، وهو من الإدغام الصغير وسنذكره في موضعه. وأظهر النظائر نحو: {أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا} [البقرة: 26]، و {ضُرِبَ مَثَلٌ} [الحج: 73]، و {سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا} [آل عمران: 181]، وكأنه خص {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} استثقالا للخروج من كسر إلى ضم، على أن ابن سعدان روى عن اليزيدي: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ} [المائدة: 39] مدغما، "وأبا زيد روى الإظهار في: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} ". فأما: {لَا رَيْبَ فِيهِ} حيث وقع، فرواية اليزيدي الإظهار..باب التاء: يدغمها في مثلها، سكن ما قبلها أو تحرك بأي الحركات كان، سواء كان لام الفعل أو للتأنيث، نحو: {الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ} [الأنعام: 61]، {الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا} [المائدة: 106]، {السَّاعَةَ تَكُونُ} [الأحزاب: 63]، {الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 16] وجملته أربعة عشر موضعا. فإن كانت تاء خطاب أو في فعل منقوص أظهر، نحو: {كِدْتَّ تَرْكَنُ} [الإسراء: 74]، و {كُنْتُ تُرَابًا} [النبأ: 40]، و {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ} [يونس: 42]. ويدغمها في عشرة أحرف من مقاربها، سكن ما قبلها أو تحرك، وهي: الجيم والثاء والشين والضاد والطاء والظاء والذال وحروف الصفير. الجيم نحو: {الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ} [إبراهيم: 23]، و {السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ} [يونس: 27]. فأما قوله: {فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا} [هود: 32]، و {إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ} [الكهف: 39] فنذكره بعد. الشين ثلاثة مواضع: {السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1]، {بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} في الموضعين في [النور: 4، 13] فأما قوله: {جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} [مريم: 27] فنذكره بعد. الثاء نحو قوله: {بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ} [البقرة: 92]، و {النُّبُوَّةَ ثُمَّ} [آل عمران: 79]، و {الْمَوْتِ ثُمَّ} [العنكبوت: 57]، ونحوه، وجملته سبعة عشر موضعا. فأما قوله: {وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ} [البقرة: 83]، و {التَّوْرَاةَ ثُمَّ} [الجمعة: 5] فروى ابن اليزيدي وابن جبير وابن رومي وابن سعدان عن اليزيدي، وقاسم عن أبي عمر عنه الإدغام، وهي رواية شجاع، وأخذ ابن مجاهد وأصحابه بالإظهار. وأما {رَأَيْتَ ثَمَّ} [الدهر: 20] فنذكره بعد. السين نحو: {الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ} [النساء: 57]، و {بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا} [الفرقان: 11]، و {السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} [الأعراف: 120] وجملته أربعة عشر موضعا. الضاد: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} [العاديات: 1] وليس غيره. الطاء ثلاثة مواضع، وهي: {الصَّالِحَاتِ طُوبَى} [الرعد: 29]، {الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ} [النحل: 32]، {الصَّلاةَ طَرَفَيْ} [هود: 114]، وفي هذا الحرف خلاف، وذكر الخزاعي أنه قرأه على أبي شعيب مظهرا. الظاء: {الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي} [النساء: 97، والنحل: 82] في النساء، والنحل لا غير. الذال: {عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ} [هود: 103]، و {الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ} [غافر: 15]، و {الذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} [الذاريات: 1]، {فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} [الصافات: 3]، {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا} [المرسلات: 5] وجملته اثنا عشر موضعا. الصاد: ثلاثة مواضع لا غير، وهي: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا} [الصافات: 1]، و {وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا} [النبأ: 38]، و {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا} [العاديات: 3]. الزاي: ثلاثة مواضع لا غير، وهي: {بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا} في [النمل: 4]، {فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا} [الصافات: 2]، {إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} [الزمر: 73]. تابعه حمزة من هذا الباب على إدغام أربع كلمات فقط، وهي قوله تعالى: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا}، {فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا}، {فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا}، {الذَّارِيَاتِ ذَرْوًا}. وزاد الحلواني عن خلاد: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} [العاديات: 1]، و {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا} [العاديات: 2]. فأما المنقوص، وتاء المخاطب المذكر والمؤنث، وتاء المتكلم فقد ذكرنا أنها لا تدغم في مثلها، فإدغامها في مقاربها أبعد. وقد جاءت في القرآن مع الجيم والثاء والسين والطاء والذال والشين، ولم تجئ مع الأحرف الباقية، وذلك نحو: {دَخَلْتَ جَنَّتَكَ} [الكهف: 39]، {فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا} [هود: 32]، {كُنْتَ ثَاوِيًا} [القصص: 45]، {رَأَيْتَ ثَم} [الدهر: 20]، {أُوتِيتَ سُؤْلَكَ} [طه: 36]، {فَلَبِثْتَ سِنِينَ} [طه: 40]، {لَمْ يُؤْتَ سَعَةً} [البقرة: 247]، {لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} [الإسراء: 61]، {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ} [النساء: 102]، {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى} [الإسراء: 26]، {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا} [مريم: 27]، وقد جاء في ذلك كله إلا السين خلاف. فأما {دَخَلْتَ جَنَّتَكَ}، {فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا} فرواه ابن اليزيدي وابن سعدان وقاسم عن أبي عمر عن اليزيدي عن أبي عمرو مدغما. وأما {رَأَيْتَ ثَمَّ} فرواه الداجوني عن السوسي مدغما، ولا خلاف في إظهار {كُنْتَ ثَاوِيًا}. وأما {لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} فروى أبو علي الصواف عن شجاع إدغامه. وأما {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ} فقرئ على أبي علي الصدفي وأنا أسمع، عن أبي طاهر بن سوار، أخبرنا أبو علي العطار، حدثنا أبو إسحاق الطبري، حدثنا أبو بكر الولي، حدثنا ابن فرح عن الدوري عن اليزيدي: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ} مدغما فيما ذكر أنه قرأ به عليه. وذكر الأهوازي أنه قرأ على الخزاعي عن ابن حبش عن ابن مجاهد بالإدغام. وذكر الخزاعي أنه كذلك قرأ على أبي محمد بن الكاتب عنه، قال: وقرأت على آخرين بالإظهار. وأرى الخزاعي قرأ بالإدغام أيضا على ابن حبش لأبي شعيب، فهو الظاهر من كتاب "المنتهى". وقال عبد الباقي عن زيد بن أبي بلال أنه سمع ابن مجاهد يقرئ سنة ثلاثمائة {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ} وجميع المنقوص بالإدغام؛ لأن أبا عمرو لم يستثنه، ثم رجع أبو بكر في آخر عمره إلى الإظهار، واعتلَّ بما سقط من أصل الكلمة. وروى أحمد بن جبير نصا عن اليزيدي: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ} مظهرا، وأخذ به جماعة منهم ابن المنادي، والإدغام فيها اختياري. وأما {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى} فكان ابن مجاهد وابن المنادي يظهران لقلة حروف الكلمة، واعتلالها. وكان الداجوني وغيره يدغمان لقوة كسرة التاء، والإدغام رواية الصواف عن شجاع. وأما {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا} فروى مدين بن شعيب عن أصحابه إدغامه، وأهل الأداء يأخذون في هذا الحرف بالوجهين..باب الثاء: أدغمها في مثلها، وجملته ثلاثة مواضع: {حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} في [البقرة: 91، والنساء: 91]، و {ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} في [المائدة: 73]. وفي خمسة أحرف من مقاربها، وهي: التاء، والذال، والشين، والسين، والضاد. التاء موضعان: في [الحجر: 65] {حَيْثُ تُؤْمَرُونَ}، وفي [النجم: 59] {الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ}. الذال موضع واحد: {الْحَرْثِ ذَلِكَ} في [آل عمران: 14]. الشين خمسة مواضع: {حَيْثُ شِئْتُمَا}، و {حَيْثُ شِئْتُمْ} في [البقرة: 35، 58]، ومثله في [الأعراف: 19، 161]، وفي [المرسلات: 30] {ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ}. السين أربعة مواضع: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ} في [النمل: 16]، {حَيْثُ سَكَنْتُمْ} في [الطلاق: 6]، {الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ} في [القلم: 44]، {الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا} في [المعارج: 43]. الضاد موضع واحد: {حَدِيثُ ضَيْفِ} في [الذاريات: 24]..باب الجيم: لم تلق مثلها، ويدغمها في التاء في {ذِي الْمَعَارِجِ، تَعْرُجُ} [المعارج: 3، 4] هكذا عبارتهم وفيها تجوز؛ لأن إدغام الجيم في التاء لا يجوز، وتحقيقه إخفاء الحركة. واختلف عند الشين في قوله: {أَخْرَجَ شَطْأَهُ} [الفتح: 29] والإدغام رواية ابن حبش عن أبي عمر، وهو روايته أيضا عن أبي شعيب، وروى ابن اليزيدي وابن سعدان عن اليزيدي الإدغام عند الضاد، والصاد في قوله تعالى: {أَخْرَجَ ضُحَاهَا} [النازعات: 29]، و {مُخْرَجَ صِدْقٍ} [الإسراء: 80]..باب الحاء: يدغمها في مثلها، وذلك موضعان: {النِّكَاحِ حَتَّى} [البقرة: 235]، و {لَا أَبْرَحُ حَتَّى} [الكهف: 60]. وفي العين في موضع واحد، وذلك {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ} [آل عمران: 185] لا غير. وقياسه: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} [المائدة: 3]، و {لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: 81] وشبهه مما قبل الحاء فيه حرف متحرك مكسور، والأخذ فيه بالإظهار، والأخذ في: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ} وحده بالإدغام، وإن كان أبو الزعراء قد روى فيه أيضا الإظهار، ولكن الرواة عن اليزيدي أصفقوا على الإدغام فيه، ووافقه أبو زيد عليه. روى قاسم عن الدوري إدغامها في العين إذا كان قبلها حرف مد، وذلك ثلاثة مواضع: {فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا} [البقرة: 230، 233]، و {الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} [النساء: 171]، و {الرِّيحَ عَاصِفَةً} [الأنبياء: 81] مدغما. وهذا عندهم لا يوافق أصول أبي عمرو، فحدثنا أبو داود، حدثنا أبو عمرو قال: قد انعقد الإجماع على إظهار الحاء، وهي ساكنة عند العين في قوله: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ} [الزخرف: 89] وذلك مبطل لرواية القاسم؛ لأن الساكنة أولى وأحق بالإدغام من المتحركة. قال أبو جعفر: إدغام الحاء في العين عند سيبويه ممتنع؛ لأن الحاء أدخل في الفم. و"حكى أن من آثر إدغام الحاء في العين أبدل العين حاء، فيقول في امدح عرفة: امْدَ حَّرفة"..باب الخاء: لم يلتقيا في القرآن، ولا تدغم في غيرها، ولا يدغم غيرها فيها..باب الدال: لم يلتقيا والأولى متحركة، ويدغمها في عشرة أحرف وهي: الثاء، والجيم، والتاء، والصاد، والذال، والظاء، والشين، وحروف الصفير. الثاء موضعان: {يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا} في [النساء: 134]، و {لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ} في [سبحان: 18] لا غير. الجيم موضعان: {دَاوُدُ جَالُوتَ} [البقرة: 251]، {دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً} [فصلت: 28] لا غير. وفي {الْخُلْدِ جَزَاءً} اختلاف، واختيار ابن مجاهد فيه الإظهار، على أن ابن حبش قد روى عنه الإدغام، وهو اختيار ابن المنادي وابن شنبوذ وأبي عمران، علي أن أبا عمران قد اخُتلف عنه، والذي روى عنه ابن حبش الإدغام. التاء ثلاثة مواضع: {الْمَسَاجِدِ تِلْكَ} [البقرة: 187]، {الصَّيْدِ تَنَالُهُ} [المائدة: 94]، {تَكَادُ تَمَيَّزُ} [الملك: 8] لا غير. الضاد ثلاثة مواضع: {مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ} في [يونس: 21]، وفي [فصلت: 50]، و {مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ} في [الروم: 54] لا غير. الذال أربعة عشر موضعا، نحو: {وَالْقَلائِدَ ذَلِكَ} [المائدة: 97]، و {الْمَرْفُودُ، ذَلِكَ} [هود: 99، 100]. الظاء ثلاثة مواضع: {يُرِيدُ ظُلْمًا} في الموضعين: [آل عمران: 108، غافر: 31]، و {مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ} في [المائدة: 39] لا غير. الشين: {شَهِدَ شَاهِدٌ} [يوسف: 26، الأحقاف: 10] لا غير. فأما {أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: 62]، و {دَاوُدَ شُكْرًا} [سبأ: 13] فرواية من ذكرنا في هذا الكتاب الإظهار فيهما. وقد روى قاسم عن أبي عمر الإدغام، وكذلك القصباني عن ابن غالب عن شجاع. الصاد أربعة مواضع: {نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ} [يوسف: 72]، و {مَقْعَدِ صِدْقٍ} [القمر: 55]، و {فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} [مريم: 29]، و {وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ} [النور: 58] لا غير. الزاي موضعان: {تُرِيدُ زِينَةَ} في [الكهف: 28]، و {يَكَادُ زَيْتُهَا} في [النور: 35] لا غير. السين موضع واحد: {عَدَدَ سِنِينَ} في [المؤمنون: 112] لا غير. زاد قاسم: {لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ} [ص: 30] و {دَاوُدَ زَبُورًا} [النساء: 163]، والله أعلم..باب الذال: لم تلتقيا والأولى متحركة، ويدغمها في حرفين: الصاد والسين. الصاد موضع واحد: {مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً} [الجن: 3]. السين موضعان: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ}، و {وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ} في [الكهف: 61، 63]..باب الراء: يدغمها في مثلها، تحرك أو سكن ما قبلها، في كل إعرابها حيث وقع، وجملة ذلك ستة وأربعون موضعا، أولها في [البقرة: 185] {شَهْرُ رَمَضَانَ} وآخرها في [الجن: 17] {عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ}. وفي اللام إذا تحرك ما قبلها في كل إعرابها أيضا، نحو: {يَغْفِرُ لِمَنْ}، و {هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود: 78]، و{يَقْدِرُ لَهُ} [العنكبوت: 62] ونحوه. فإن سكن ما قبلها أدغمها في موضع الخفض، والرفع نحو: {الْمَصِيرُ، لا يُكَلِّفُ} [البقرة: 285، 286]، {وَالنَّهَارِ لَآياتٍ} [آل عمران: 190]. ولا يدغم في موضع النصب، نحو: {الْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [النحل: 8]، و {الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ} [النحل: 44] إلا أن الصواف أدغم: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ} [الحج: 77] قال الخزاعي: هو منصوص في أصل الصواف. وجملة ما جاء من الراء المدغمة في اللام مع الساكن، وغيره ستة وثمانون موضعا، وقيل: أربعة وثمانون موضعا، أولها في [البقرة: 266] {الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} وآخرها في [العاديات: 8] {لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} فأما إذا لقيت اللام ساكنة نحو: {يَغْفِرْ لَكُمْ} وبابه، فقد تقدم ذكره. فأما اختلاف أهل الأداء في إمالة الألف التي قبل الراء المدغمة في مثلها، أو في اللام، نحو: {الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا} [آل عمران: 193، 194]، و {الْأَبْرَارِ لَفِي} [المطففين: 18] ، فنذكره في باب الإمالة..باب الزاي: لم يلتقيا، ولا تدغم هي في غيرها..باب السين: يدغمها في مثلها، وهي ثلاثة مواضع لا غير. في الحج: {النَّاسَ سُكَارَى} [2]، و {لِلنَّاسِ سَوَاءٌ} [25]، وفي [نوح: 16] {الشَّمْسَ سِرَاجًا}. وفي حرفين إذا كان رفعا، وهما: الزاي في قوله: {النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} [التكوير: 7] وليس غيره، وفي الشين في قوله: {الرَّأْسُ شَيْبًا} [مريم: 4] لا غير. وكان ابن مجاهد يخير فيه، وحكى الأهوازي عن الشذائي قال: قرأتها على ابن مجاهد في الختمة الأولى بالإظهار كأشباهها، وفي الثانية بالإدغام فقط، فأما {النَّاسَ شَيْئًا} [يونس: 44] فمظهر لا غير..باب الشين: لم يلتقيا، وروى أبو عبد الرحمن عن أبيه الإدغام في قوله: {إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا} [الإسراء: 42] وقد أخذ به من طريق أبي عمران عن أبي شعيب فيما ذكر الخزاعي والأهوازي، وعن طريق أبي الزعراء فيما ذكر الخزاعي، والإظهار أحسن..باب الصاد: لم يلتقيا، ولا تدغم في غيرها..باب الضاد: لم يلتقيا، واختلف عنه في إدغامها في ستة أحرف: الشين، والجيم، والذال، والزاي، والطاء، والتاء، فالشين قوله تعالى: {لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ} في [النور: 62]، {وَالْأَرْضِ شَيْئًا} في [النحل: 73]، أدغمهما أبو شعيب، كذا قال الخزاعي عنه بالإدغام فيهما. وقال عثمان بن سعيد: لا أعلم خلافا بين أهل الأداء في إظهار {الْأَرْضِ شَيْئًا} وقال غيره نحوه في {شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا} [عبس: 26] وذكر الأهوازي عن ابن المنادي عن الصواف عن ابن غالب عن شجاع إدغام الضاد في الشين في ذلك كله، وعن أبي شعيب في {لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ} فقط. ولم يختلف عن أبي شعيب في هذا الحرف؛ لأنه نص عليه. والجيم في قوله تعالى: {وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا} [فاطر: 1]. والذال نحو: {الْأَرْضِ ذَهَبًا} [آل عمران: 91]، و {بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ} [المائدة: 49]. {وَالْأَرْضِ ذَاتِ} [الطارق: 12]، و {الْأَرْضَ ذَلُولًا} [الملك: 15]، ونحوه. والزاي: {الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا} [يونس: 24] ذكر الإدغام في الحروف الثلاثة الخزاعي والأهوازي عن أبي عبد الرحمن، وابن سعدان عن اليزيدي، وذكرا عن قاسم عن الدوري الإدغام في الذال وحدها. وذكره الأهوازي وغيره عن ابن جبير، واستثنى غيرهما لقاسم إذا انفتحت الضاد، وهو موضع واحد: {الْأَرْضَ ذَلُولًا} وذكر ابن جبير: {الْأَرْضَ ذَلُولًا} فقال: أكثر ما يسبق إليَّ أنها مدغمة. والظاء: {أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} [الانشراح: 3]. والتاء: {مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} [النمل: 82] أدغم فيها ابن المنادي لشجاع، والله أعلم..باب الطاء: لم يلتقيا، ويدغمها هو وجميع القراء إذا سكنت في التاء، وجملة ذلك أربعة مواضع: في [المائدة: 28] {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيّ}، وفي [يوسف: 80] {وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ}، وفي [النمل: 22] {أَحَطْتُ بِمَا لَمْ}، وفي [الزمر: 56] {عَلَى مَا فَرَّطْتُ} ويبقون الإطباق، اتفقوا على ذلك، ويجوز إذهابه، وقد ذكرناه. والطاء والدال والتاء من مخرج واحد، ويدغم بعضهن في بعض..باب الظاء: لم يلتقيا، وما روي عن العباس عنه، وذكر عن ابن سعدان عن اليزيدي عنه، من إدغام {أَوَعَظْتَ} [الشعراء: 136] فليس بمأخوذ به عند القراء، وإن كان جائزا..باب العين: لا يدغمها إلا في مثله إلا إذا كان منونا، وذلك ثمانية عشر موضعا: أولها في [البقرة: 255] {يَشْفَعُ عِنْدَهُ} وآخرها في [الهمزة: 7] {تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ}. والمنون الممتنع إدغامه نحو {سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. وروى خالد بن جبلة عنه إدغامها عند الغين، وجملة ذلك موضعان في النساء: {وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ} [46]، {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ} [115] ورواهما عنه اليزيدي. وسائر الرواة بالإظهار، إلا أن ابن سعدان قال عن اليزيدي {وَاسْمَعْ غَيْرَ} وحدها بالإدغام..باب الغين: يدغمها في مثلها موضعا واحدا {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ} [آل عمران: 85]، والإظهار فيه اختيار ابن مجاهد وابن المنادي وابن حبش؛ لأنه منقوص. وقال الخزاعي: أقرأني ابن حبش عن أبي شعيب مظهرا، وقرأته على أبي بكر بالوجهين. وذكر الأهوازي عن أبي عون عن الحلواني عن الدوري عن اليزيدي إدغامها في القاف في قوله تعالى: {لا تُزِغْ قُلُوبَنَا} [آل عمران: 8] وليس غيره في القرآن..باب الفاء: يدغمها في مثلها، تحرك أو سكن ما قبلها نحو: {تَعْرِفُ فِي} [المطففين: 24]، {بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا} [النساء: 6]. وجملته اثنان وسبعون موضعا، أولها في [البقرة: 213] {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ}، وآخرها في [قريش: 2، 3] {وَالصَّيْفِ، فَلْيَعْبُدُوا}. قال الأهوازي: وكان ابن مجاهد يختار في قراءة أبي عمرو بالإدغام إظهار {وَالصَّيْفِ، فَلْيَعْبُدُوا}، و {كَيْفَ فَعَلَ} [الفيل: 1] لأجل أن الياء ليست في موضع مد. قال أبو جعفر: بل هي في موضع مد، وقد نص سيبويه على ذلك. ولا تدغم الفاء في شيء، وقد جاء عن العرب إدغامها في الباء..باب القاف: يدغمها في مثلها، تحرك ما قبلها أو سكن، وهي في جميع القرآن في خمسة مواضع: في الأعراف: {وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ} [32]، و {فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ} [143]. وفي [التوبة: 99] {يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ}، وفي [يونس: 90] {الْغَرَقُ قَالَ}. وفي [الجن: 11] {طَرَائِقَ قِدَدًا}. وفي الكاف مع ضمير جمع المذكر، أو مع المظهر إذا تحرك ما قبلها لا غير. فأما ضمير جمع المذكر فنحو: {خَلَقَكُمْ}، و {رَزَقَكُمْ}، و {يَخْلُقُكُمْ}، و {يَرْزُقُكُمْ}. وجملته سبعة وثلاثون موضعا، أولها في [البقرة: 21] {الَّذِي خَلَقَكُمْ}، وآخرها في [نوح: 14] {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا}. وأما المظهر فنحو: {خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [الفرقان: 2]، و {يُنْفِقُ كَيْفَ} [المائدة: 64]، و {أَنْطَقَ كُلَّ} [فصلت: 21] وجملته أحد عشر موضعا. ولا يدغم إذا سكن ما قبلها نحو: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ} [يوسف: 76] و {مَا خَلْقُكُمْ} [لقمان: 28]، و {بِوَرِقِكُمْ} [الكهف: 19] وشبهه. وقد روى عباس عنه، وابن سعدان عن اليزيدي عنه الإدغام في ذلك. فأما مع ضمير جمع المؤنث، وهو موضع واحد: {إِنْ طَلَّقَكُنَّ} [التحريم: 5] فإنهم استقرءوا من رواية اليزيدي فيه الإظهار، وبه أخذ ابن مجاهد، والقياس الإدغام، وبه نأخذ لأبي شعيب من طريق ابن جرير، وهي رواية أبي زيد والعباس عن أبي عمرو، إلا أن العباس كان يدغمها وإن آثر الإظهار..باب الكاف: يدغمها في مثلها مع المظهر، اسما كان أو غيره، سكن أو تحرك ما قبلها، كانت مفتوحة أو مكسورة، نحو: {كَذَلِكَ كَانُوا} [الروم: 55]، و {رَبَّكَ كَثِيرًا} [آل عمران: 41]، و {إِنَّكِ كُنْتِ} [يوسف: 29] وجملة ذلك خمسة وثلاثون موضعا، أولها في [آل عمران: 41] {وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا}، وآخرها في [انشقت: 6] {إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا}. واختُلف في {وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا} [المؤمن: 28] فأخذ فيه ابن مجاهد وابن المنادي بالإظهار؛ لأنه من المنقوص، وأخذ الداجوني وغيره بالإدغام، وهي رواية ابن سعدان. فأما {يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ} [لقمان: 23] فالجماعة على إظهاره؛ لأن النون مخفاة والمخفى كالمدغم، فكما امتنعوا من إدغام {أُحِلَّ لَكُمْ} كذلك امتنعوا من إدغام {فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ}. وقد روى قاسم الإدغام فيه؛ لأن المخفى مظهر، ولروايته وجه، والأخذ بالإظهار. ويدغمها في مثلها مع ضمير جمع المذكر في موضعين، وهما: {مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200]، و {مَا سَلَكَكُمْ} [المدثر: 42]. ويدغمها في القاف إذا تحرك ما قبلها نحو: {كَذَلِكَ قَالَ} [البقرة: 113، 118] و {رَبُّكَ قَدِيرًا} [الفرقان: 54]، وهي في القرآن أربعة وأربعون موضعا، أولها في [البقرة: 30] {وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ}، وآخرها في [الفجر: 5] {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ} فإن سكن ما قبلها لم يدغم، نحو: {إِلَيْكَ قَالَ} [الأعراف: 143]، و {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11]، و {وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} [يونس: 65] إلا ما روى ابن جبير عن اليزيدي أنه أدغم {أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ} [الأعراف: 143]. وروى عبد الوارث عن أبي عمرو إدغام {تَرَكُوكَ قَائِمًا} في الحالتين..باب اللام: يدغمها في مثلها، تحرك أو سكن ما قبلها نحو: {نَجْعَلَ لَّكُمْ} [الكهف: 84]، و{جَعَلَ لَّكَ} [الفرقان: 10]، و {الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ} [النور: 35]. وجملة ذلك مائتا موضع وخمسة عشر موضعا، أولها في [البقرة: 11، 13] {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ}، وآخرها في [الشمس: 13] {فَقَالَ لَهُمْ}. واختُلف في حرفين من هذا الباب، وهما {يَخْلُ لَكُمْ} في [يوسف: 9]، و {آلَ لُوطٍ} في المواضع الثلاثة. فأما {يَخْلُ لَكُمْ} فذكره الخزاعي عن أبي شعيب بالإظهار، وعن الدوري بالإدغام، وذكر أنه قرأ على الشذائي للدوري بالوجهين، وذكر الأهوازي عن الخزاعي عن ابن حبش وابن الكاتب عن ابن مجاهد الإدغام، وهو اختيار الداجوني. والمشهور عن ابن مجاهد اختيار الإظهار فيه، وهو اختيار ابن المنادي والنقاش وعثمان بن سعيد. فحدثنا أبو داود قال: قال لنا عثمان: الإدغام عندي في {يَخْلُ لَكُمْ} قبيح؛ لأنه منقوص، والساكن قبله غير حرف مد، قال: والوجه فيه أن يكون مخفى. قال أبو جعفر: ومن قال فيه من أهل الأداء، وفي نظائره بالإدغام إنما أراد به الإخفاء. وأما {آلَ لُوطٍ} ففي تعليقي عن أبي حاتم من كتاب "القراءات" عن عصمة بن عروة الفقيمي، أن أبا عمرو كان يظهر، ويعتل بقلة حروف الكلمة، وبه الأخذ لأبي الزعراء؛ لأن ابن مجاهد وأصحابه ذهبوا إليه، قال الخزاعي: اتفقوا إلا أبا الزعراء على إدغام {آلَ لُوطٍ} حيث جاء. قال أبو جعفر: وقد ذكر غيري، وهو أبو عمرو عثمان بن سعيد الحافظ -رحمه الله- عن عصمة فيه الإدغام، وقد أخبرت بما عندي الآن فيه. وإلى الإدغام ذهب عثمان بن سعيد، وإليه ذهب أبي -رضي الله عنه- ورَدَّا هذا الاعتلال المروي عن أبي عمرو بإدغامه {لَكَ كَيْدًا} [يوسف: 5] وهو أقل حروفا من {آلَ}. وحدثنا أبو داود قال: حدثنا أبو عمرو قال: وإذا صح الإظهار فيه فلاعتلال عينه، إذ كانت هاء فأُبدلت همزة، ثم قُلبت ألفا لا غير، فكره الإدغام لذلك، قال: والدليل على أن أصل عين الفعل في ذلك همزة، وأن الأصل "أهل" أنك إذا صغرت قلت: "أهيل" فأبدلت الهاء همزة، كما أبدلت في: هرقت أرقت، وهياك وإياك، وهيهات وأيهات، في نظائر لذلك، قال: وهذا قول جميع النحويين إلا الكسائي، فإن الأصل عنده "أول" فلما تحركت الواو وانفتح ما قبلها انقلبت ألفا، وتصغيره "أويل". قال أبو جعفر: ورد عليه أبي -رضي الله عنه- هذا الكلام، وعلى من قال به سواه من القراء والنحويين، فقال لي: لا يثبت أن ألف "آل" بدل من هاء "أهل" ولا من همزة مبدلة من هاء؛ لأن معنى "آل" غير معنى "أهل" لأن الأهل: القرابة، والآل: من يئول إليك في قرابة أو رأي أو مذهب، وإنما ألف "آل" مبدلة من واو كما بين الكسائي ذلك بالرواية عن العرب، ولم يذكر سيبويه في باب البدل أن الهاء تبدل همزة، كما ذكر أن الهمزة تبدل هاء في هرقت، وأرقت، وهيا، وهرحت الفرس، وهياك، وذكر أن الهاء تكون بدلا من التاء التي يؤنث بها الاسم في الوقف، كقولك: هذا طلحهْ، وأن الهاء أبدلت من الياء في "هذه" فجاء من قوله أن الهاء تبدل من غيرها، ولا يبدل غيرها منها، وإنما حكى أن الهاء تبدل همزة في قولهم: أمواء، في أمواه غير سيبويه، وجعل هذا البدل شاذا مختصا به الشعر. فأما التصغير فلا حجة فيه لو سلمنا له البدل؛ لأنه قد يثبت مرة ولا يثبت أخرى، على حسب ثبوت ما يوجب القلب وعدمه، كقولهم في "قيل": قويل، وفي "ثائر": ثويئر. ويدغمها أيضا في الراء إذا تحرك ما قبلها؛ ولا يراعي حركتها في نفسها نحو: {رُسُلُ رَبِّكَ} [هود: 81] و {فَعَلَ رَبُّكَ} [الفيل: 1]، و {كَمَثَلِ رِيحٍ} [آل عمران: 117]. فإن سكن أدغمها في موضع الرفع والخفض نحو: {رَسُولُ رَبِّكِ} [مريم: 19]، و {إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} [النحل: 125]. وجملة الإدغام في الراء مع الحركة والساكن أحد وسبعون موضعا. ولا يدغم في النصب إلا في {قَالَ رَبِّ}، {قَالَ رَجُلانِ} [المائدة: 23] حيث كانت، والنص من أبي شعيب والقدماء على {قَالَ رَبِّ} وحدها، وجملته أربعة وأربعون موضعا، وألحق بها الأداء {قَالَ رَجُلانِ}، {وَقَالَ رَجُلٌ} [غافر: 28]..باب الميم: يدغمها في مثلها، تحرك أو سكن ما قبلها، ولا يراعي حركتها في نفسها نحو: {يَعْلَمُ مَا}، {إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، و {طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] وهي في جميع القرآن مائة وسبعة وثلاثون حرفا، كذا قال عثمان بن سعيد، وقال غيره: مائة وأربعون حرفا، أولها في [فاتحة الكتاب: 3، 4] {الرَّحِيمِ، مَالِكِ}، وآخرها في [الملك: 14] {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ}. ويخفيها عند الباء إذا تحرك ما قبلها، نحو: {بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ}، و {بِأَعْلَمَ بِمَا}، و {يَحْكُمُ بَيْنَهُم}. وهي في جميع القرآن ثمانية وسبعون حرفا، أولها في [البقرة: 113] {فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ}، وآخرها في [اقرأ: 4] {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ}. فإن سكن ما قبلها أظهر، إلا ما روى القصباني عن ابن غالب عن شجاع أنه أدغم إن كان الساكن حرف مد نحو: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 194]، و {إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ} [البقرة: 132]، و {الْيَوْمَ بِجَالُوتَ} [البقرة: 249]، ولا خلاف في الإظهار البتة إذا لم يكن حرف مد نحو: {الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [آل عمران: 19]..باب النون: يدغمها في مثلها، تحرك أو سكن ما قبلها، إلا أن يكون مشددا، ولا يراعي حركتها في نفسها نحو: {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ}، {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ} [البقرة: 30]، {الْمُتَطَهِّرِينَ، نِسَاؤُكُمْ} [البقرة: 222، 223]. وجملته أحد وسبعون موضعا، أولها في البقرة: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ}، وآخرها في [الإنسان: 23] : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا}. ولا يدغم {أَنَا نَذِيرٌ} [العنكبوت: 50] إذا حذف الألف. ويدغمها في الراء إذا تحرك ما قبلها، وجملته خمسة مواضع: {تَأَذَّنَ رَبُّكَ} في [الأعراف: 167]، و {تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ} في [إبراهيم: 7]، و {خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي} في [سبحان: 100]، و {خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ} في [ص: 9]، و {خَزَائِنُ رَبِّكَ} في [الطور: 37]. وأظهر الأهوازي لأبي عمران عن أبي شعيب في الأعراف وإبراهيم، وأدغم الثلاثة الباقية. فإن سكن ما قبلها أظهر الجميع عنه، سواء كان حرف مد أو غيره نحو: {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} [الأنعام: 52]، و{يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ} [الإسراء: 57]، و {بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} [إبراهيم: 1]. ويدغمها في اللام إذا تحرك ما قبلها نحو: {زُيِّنَ لَهُمْ} [التوبة: 37] و {نُؤْمِنَ لَكَ} [البقرة: 55]، و {لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4] وجملته أحد وستون موضعا. فإن سكن ما قبلها لم يدغم إلا {وَنَحْنُ لَهُ}، و {لَكَ}، و {لَكُمَا} حيث وقع، وجملته تسعة مواضع، فإنه أدغمها فيها خاصة إلا من طريق الخزاعي لأبي شعيب. وذكر عثمان بن سعيد أن أبا شعيب نص على الإدغام فيه، والإدغام الصواب لليزيدي من طرقه كلها، وأظن ما حكى الخزاعي عن أبي شعيب من الإظهار اختيارا من أبي عمران. وذكر الأهوازي عن عباس عنه، وعن أُوقِيَّة عن اليزيدي عنه، وعن القصباني عن ابن غالب عن شجاع: إدغام النون في اللام وإن سكن ما قبلها، سواء كان الساكن حرف مد أو غيره نحو: {كَانَ لَكُمْ} [آل عمران: 13]، و {تَكُونَ لَكُمَا} [يونس: 78]، و {مُسْلِمَيْنِ لَكَ} [البقرة: 128]، و {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحديد: 16] ونحوه. وبه قرأت على أبي القاسم -رحمه الله- من هذه الطرق، وكان قد أنكر ذلك عليَّ وقال: لا يدغم إلا {نَحْنُ} وحدها، فلما عرضت عليه قراءة أبي عمرو، وتصنيف الأهوازي، وذاكرته به من غير أن أعرض عليه الكتاب فرجع، فكنت أقرأ عليه جميع ذلك بالوجهين، الإدغام لمن أدغم، والإظهار لمن أظهر..باب الواو: يدغمها في مثلها إذا سكن ما قبلها في موضعين بلا خلاف: في [الأعراف: 199] {الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ}، وفي [الجمعة: 11] {اللَّهْوِ وَمِنَ}. وجملة ما في القرآن من ذلك خمسة مواضع: هذان الموضعان. وفي [الأنعام: 127] {وَهُوَ وَلِيُّهُمْ}، وفي [النحل: 63] {فَهُوَ وَلِيُّهُمْ}، وفي [الشورى: 22] {وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ}. فقياسه أن يدغم هذه الأحرف الثلاثة، وإلى الإدغام في الخمسة بأسرها ذهب عثمان بن سعيد، وقال: لا خلاف عنه في هذه المواضع. وأما البغداديون فأصفقوا على أنه لا خلاف عن اليزيدي في إظهار الأحرف الثلاثة، وإن كان قياسها قياس الحرفين المدغمين، وكذلك يخرج من كلام الخزاعي، وكذلك نص عليه الأهوازي أن اليزيدي إنما يدغم الحرفين حسب، والله أعلم. فإن تحرك ما قبلها بالضم وانفتحت، وجملته ثلاثة عشر موضعا. في [البقرة: 249] {هُوَ وَالَّذِينَ}، وفي [آل عمران: 18] {هُوَ وَالْمَلائِكَةُ}، وفي الأنعام: {إِلَّا هُوَ وَإِنْ} [17]، {إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ} [59]، {هُوَ وَأَعْرِضْ} [106]، وفي [الأعراف: 27] {هُوَ وَقَبِيلُهُ}، وفي [يونس: 107] {هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ}، وفي [النحل: 76] {هُوَ وَمَنْ}، وفي [طه: 98] {هُوَ وَسِعَ}، وفي [النمل: 42] {هُوَ وَأُوتِينَا}، وفي [القصص: 39] {هُوَ وَجُنُودُهُ}، وفي [التغابن: 13] {هُوَ وَعَلَى اللَّهِ}، وفي [المدثر: 31] {إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ}. فالأخذ لليزيدي بالإظهار فيها إلا في رواية الداجوني عن أبي شعيب فيما ذكر الخزاعي، وهي أيضا رواية ابن سعدان عنه، وشجاع عن أبي عمرو، وهو اختيار ابن شنبوذ وغيره، وإليه ذهب عثمان بن سعيد في رواية اليزيدي، وقال: إنه منصوص لأربعة من أصحابه: ابن سعدان، وابن رومي، وابن جبير، وأبي عبد الرحمن ابنه. واختيار ابن مجاهد وأصحابه الإظهار لخفائها إذا أزيل عنها حركتها وأدغمت. فإذا لقيت الواو مثلها وهي ساكنة وما قبلها مفتوح، فقد ذكرنا أنه لا خلاف في إدغامها إلا ما يروى عن أبي سليمان والأعشى بخلاف عنهما، والله أعلم..باب الهاء: يدغمها في مثلها من كلمتين، تحرك أو سكن ما قبلها، كانت هي موصولة بياء أو واو، أو لم تكن نحو: {إِنَّهُ هُوَ}، و {جَعَلْنَاهُ هُدًى} [السجدة: 23]، و {زَادَتْهُ هَذِهِ} [التوبة: 124]، و {فِيهِ هُدًى} [البقرة: 2]، و {جَاوَزَهُ هُوَ} [البقرة: 249] وجملته ثلاثة وتسعون موضعا. فإن كانتا في كلمة لم يدغم، إلا ما حدثنا أبو القاسم، عن أبي معشر، عن الحسين بن علي، عن الخزاعي قال: حكى القصباني إدغام {جِبَاهُهُمْ} [التوبة: 35]، و {وُجُوهَهُمْ}، و {بِأَعْيُنِنَا} قال: وكذلك ما يلتقي من هاءين، ونونين، وكافين في كلمة الجمع. قال الخزاعي: وقرأت عنه {بِشِرْكِكُمْ} [فاطر: 14]، و {يُلْهِهِمُ} [الحجر: 3]، و {وُجُوهِهِمْ} مظهرا. قال أبو جعفر: وقلت: من كلمة وكلمتين اتباعا لعبارتهم، وإلا فكل ذلك من كلمتين. وذكر الأهوازي قال: سمعت أبا الفرج الشنبوذي وأبا الحسين القطان يقولان: {إِنَّهُ هُوَ} وما أشبهه لا يسمى إدغاما، وإنما هو طرح حركة الهاء، فبقيت ساكنة، ولقيت مثلها ولم تدغم فيها؛ لأنك لو أدغمتها وشددت أتيت بما هو أثقل من الإظهار، والإدغام إنما هو إيثار التخفيف. قال: وسمعت شيوخنا البصريين وأكثر شيوخنا البغداديين يسمون ذلك إدغاما، قال: وقولهما لا أعول عليه؛ لأنهم أجمعوا أن سائر الحروف إذا سكنت، ولقيت مثلها تدغم فيها بلا خلاف. قال أبو جعفر: وهو إدغام صحيح إلا إذا سكن ما قبلها، وكان غير حرف مد، نحو: {زَادَتْهُ هَذِهِ}، فهو إخفاء لا إدغام كالنظائر..باب الياء: يدغمها في مثلها إذا لم يكن مشددا، تحرك أو سكن ما قبلها نحو:{يَأْتِيَ يَوْمٌ} و {نُودِيَ يَا مُوسَى} [طه: 11]، و {مِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} [هود: 66]، و {فَهِيَ يَوْمَئِذٍ} [الحاقة: 16]. وأهل الأداء متفقون على الإدغام، على أن الأهوازي قال: قال ابن مجاهد: لا يجوز مثل هذا في الكلام، ومع هذا فإنه أخذ بالإدغام، ويجب عليه على ذلك أن يأخذ في الواو في مثلها بالإدغام. فأما {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ} [الأعراف: 196] فذكره الخزاعي لأبي شعيب مدغما، وكذل ذكره الأهوازي له من طريق ابن جرير، وهي رواية أبي أيوب، وابن فرح، وأبي خلاد، وابن سعدان، وعصام بن الأشعث، وعبيد الضرير، كلهم عن اليزيدي، وهي رواية عبد الوارث وعباس وشجاع عن أبي عمرو، والإظهار اختيار ابن مجاهد، والله أعلم. فهذه أصول الإدغام مشروحة محصلة، والحمد لله. وقال أبو عمر وأبو شعيب وغيرهما، عن اليزيدي، عن أبي عمرو: إنه كان يشير إلى الأحرف التي يدغمها في موضع الرفع والخفض، والإشارة تكون روما وإشماما، فمن أهل الأداء من يأخذ بالإشمام، ومنهم من يأخذ بالروم، ولا يتأتى الإدغام المحض معه، ويتأتى مع الإشمام. قالوا: ولم يكن يُشِمّ في موضع النصب لخفة الفتحة، ولا الميم في مثلها، ولا الباء في مثلها، ولا الميم عند الباء، ولا الباء عند الميم؛ لانطباق الشفتين بهما. وقال الأهوازي عن أبي عمران موسى بن جرير: إنه لم يشر إلى الإعراب أصلا في الإدغام، وقال: سمعت أبا الحسن القطان وغيره من قرأة البغداديين يقولون: الإشارة إلى الخفض في الإدغام، قال: وسمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد المقرئ بالبصرة يقول: الإشارة إلى الرفع، والروم إلى الخفض، يعني بالإشارة الإشمام، وبالروم الروم.
|